الحنيفية ملة إبراهيم لا تقبل الشرك بأي وجه من الوجوه – الشيخ : صالح الفوزان

عدد الملفات المرفوعه : 1

إن الحنيفية ملة إبراهيم : أي الذي يجب أن تعلمه وأن تعرفه أن الحنيفية ملة إبراهيم ، والحنف في اللغة : الميل ، فمعنى الحنيفية هي الملة المائلة عن الشرك إلى التوحيد ، وإبراهيم – عليه الصلاة والسلام –  كان حنيفاً مسلماً ، حنيفاً أي مائلاً عن الشرك ومعرضاً عنه إلى التوحيد والإخلاص لله – عز وجل –  ، قال تعالى : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [ النحل : 120 ] فالحنيف من أوصاف إبراهيم – عليه السلام – بمعنى أنه معرض عن الشرك ومائل عنه بالكلية إلى التوحيد ، متوجه بكل وجهته إلى التوحيد والإخلاص لله e قال الله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) [ النحل : 123 ] وقال سبحانه : (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [ آل عمران : 67 ] ، هذه أوصاف إبراهيم – عليه السلام – العظيمة ، منها أنه كان حنيفاً ، وأن ملته الحنيفية هي الملة الخالصة لله b التي ليس فيها شرك ، وقد أمر الله نبيه ﷺ أن يتبع هذه الملة بقوله : (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [ النحل : 123 ] وأمرنا نحن كذلك أن نتبع ملة إبراهيم – عليه السلام – قال تعالى : (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ)[الحج : 78 ] وهي دين جميع الرسل ، ولكن لكون إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – أفضل الأنبياء بعد نبينا محمد ﷺ لاقى في سبيل الدعوة إلى التوحيد من التعذيب ومن الامتحان ما لم يلقه غيره ، فصبر على ذلك ، ولكونه أبا الأنبياء فإن الأنبياء الذين جاءوا من بعده كلهم من ذريته – عليه الصلاة والسلام – فالحنيفية ملة جميع الأنبياء ، وهي الدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك ، هذه ملة جميع الرسل ، لكن لما كان لإبراهيم مواقف خاصة نحو هذه الملة نسبت إليه ولمن جاء بعده ، والأنبياء كلهم من بعده كانوا على ملة إبراهيم ، وهي ملة التوحيد والإخلاص لله – عز وجل – ، ما هي هذه الملة التي أمر نبينا ﷺ باتباعها وأمرنا باتباعه ؟ يجب علينا أن نعرفها ، لأن المسلم يجب عليه أن يعرف ما أوجب الله عليه من أجل أن يمتثله ، ومن أجل أن لا يخل به ، لا يكفي الانتساب بدون معرفة ، لا يكفي أن ينتسب للإسلام وهو لا يعرفه ، ولا يعرف ما هي نواقض الإسلام ، وما هي شرائع الإسلام ، وأحكام الإسلام ، ولا يكفي الانتساب لملة إبراهيم وأنت لا تعرفها ، وإذا سئلت عنها تقول : لا أدري ، هذا لا يجوز ، يجب أن تعرفها جيداً من أجل أن تسير عليها على بصيرة ، وألا تخل بشيء منها ، أن تعبد الله مخلصًا له الدين : هذه ملة إبراهيم ، أن تعبد الله مخلصًا له الدين . تجمع بين الأمرين : العبادة والإخلاص ، فمن عبد الله ولم يخلص له الدين لم تكن عبادته شيئًا ، فمن عبد الله ، فصام وحج وصلى واعتمر وتصدق وزكى وفعل كثيرًا من الطاعات ؛ لكنه لم يخلص لله b في ذلك ، إما لأنه فعل كل ذلك رياء أو سمعة ، أو أنه خلط عمله بشيء من الشرك كالدعاء لغير الله ، والاستغاثة بغير الله ، والذبح لغير الله ، فإن هذا لم يكن مخلصاً في عبادته ، بل هو مشرك ، وليس على ملة إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – ، كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام اليوم يقعون في الشرك الأكبر ، من دعاء غير الله وعبادة القبور والأضرحة والذبح لها والنذر لها والطواف بها والتبرك بها ، والاستغاثة بالأموات ، وغير ذلك ، وهم يقولون إنهم مسلمون ، هؤلاء لم يعرفوا ملة إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – التي عليها نبيهم محمد ﷺ لم يعرفوها ، أو عرفوها وخالفوها على بصيرة والعياذ بالله ، وهذا أشد ، فملة إبراهيم لا تقبل الشرك بأي وجه من الوجوه ، ومن خلط عمله بشرك فليس على ملة إبراهيم ، وإن كان ينتسب إليها ويزعم أنه مسلم ، فالواجب أن تعرف ملة إبراهيم ، وأن تعمل بها ، وأن تلتزمها بأن تعبد الله مخلصاً له الدين ، لا يكون في عبادتك شيء من الشرك الأصغر أو الأكبر ، هذه ملة إبراهيم – عليه السلام – : الحنيفية التي أعرضت عن الشرك بالكلية ، وأقبلت على التوحيد بكليتها ، أن تعبد الله مخلصا له الدين.


  • (شرح ثلاثة الأصول ش3).
  • 1443/04/18
  • مشاهدات : 553
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري