شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط – الشيخ : صالح الفوزان

عدد الملفات المرفوعه : 1

قال تعالى : {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)} سورة آل عمران .

قوله تعالى : (شهد) ، أي حكم وقضى وأعلم وبين وألزم ، فالشهادة من الله تدور على هذه المعاني الخمسة : الحكم والقضاء والإعلان والبيان والإلزام ، فمعنى (شهد) ، أي : قضى سبحانه وأعلم وأخبر وألزم عباده بذلك ، أنه لا إله إلا هو ، (لا إله) : لا نافية تنفي جميع ما عبد من دون الله ، (إلا هو) : مثبت العبادة لله وحده ومعنى أنه لا إله إلا هو : أي لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى ، أما من عبد غير الله فإن عبادته باطلة لقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [ الحج :62 ] ، شهد لنفسه سبحانه وتعالى بالوحدانية وهو أصدق القائلين ، وشهادته سبحانه وتعالى أصدق الشهادات ؛ لأنها صادرة عن حكيم خبير عليم ، يعلم كل شيء فهي شهادة صادقة ، (والملائكة) : شهدوا أنه لا إله إلا هو ، وهم عالم خلقهم الله لعبادته ، ملائكة كرام عباد مكرمون خلقهم الله لعبادته ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، وأيضًا خلقهم الله لتنفيذ أوامره في الكون ، وكل إليهم تنفيذ ما يأمر به سبحانه وتعالى من أمور الكون ، فكل ملك منهم موكل بعمل ، وشهادتهم شهادة صدق ؛ لأنهم أهل علم وعبادة ومعرفة بالله عز وجل ، وهم من أفضل الخلق على الخلاف ، هل صالح البشر أفضل من الملائكة أو الملائكة أفضل من صالح البشر ، على خلاف ، (وأولو العلم) : صنفان ؛ الملائكة ، والصنف الثاني أولو العلم من البشر ، وأولو العلم لا يشهدون إلا بما هو حق ، بخلاف الجهال لا اعتبار بشهادتهم ، وكل عالم من خلق الله يشهد لله بالوحدانية وأنه لا إله إلا هو ، وهذا فيه تشريف لأهل العلم حيث إن الله قرن شهادتهم مع شهادته سبحانه وتعالى وشهادة ملائكته ، اعتبر شهادة أهل العلم من الخلق ودل على فضلهم وشرفهم ومكانتهم ، على أعظم مشهود به وهو التوحيد ، والمراد بأولي العلم ، أهل العلم الشرعي لا كما يقوله بعض الناس : إن أهل العلم المراد بهم أهل الصناعة والزراعة فهؤلاء لا يقال لهم أهل العلم على وجه الإطلاق ؛ لأن علمهم محدود مقيد ، بل يقال : هذا عالم بالحساب ، عالم بالهندسة ، عالم بالطب ، ولا يقال لهم : أهل العلم مطلقًا ؛ لأن هذا لا يطلق إلا على أهل العلم الشرعي ، وأيضًا أكثر هؤلاء أهل علم دنيوي ، وفيهم ملاحدة يزيدهم علمهم -غالبًا- جهلًا بالله عز وجل ، وغرورًا وإلحادًا كما تشاهدون الآن في الأمم الكافرة ، متقدمون في الصناعات وفي الزراعة لكنهم كفار ، فكيف يقال : إنهم أهل العلم الذين ذكرهم الله في قوله : (وَأُولُو الْعِلْمِ) هذا غير معقول أبداً ، وكذلك قوله : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [ فاطر : 28 ] المراد علماء الشرع الذين يعرفون الله حق معرفته ويعبدونه حق عبادته ويخشونه ، أما هؤلاء فأغلبهم لا يخشون الله عز وجل بل يكفرون بالله ويجحدونه ، ويدعون أن العالم ليس له رب ، وإنما الطبيعة هي التي توجده وتتصرف فيه ، كما هو عند الشيوعيين ، إنهم ينكرون الرب سبحانه وتعالى مع أن عندهم علما دنيويًّا كيف نقول : إن هؤلاء هم أهل العلم ، هذا غلط ، فالعلم لا يطلق إلا على أهله ، وهو لقب شريف لا يطلق على الملاحدة والكفار ، ويقال : هؤلاء أهل العلم ، فالملائكة وأولو العلم شهدوا لله بالوحدانية ، إذًا لا عبرة بقول غيرهم من الملاحدة والمشركين والصابئين الذين يكفرون بالله عز وجل ، هؤلاء لا عبرة بهم ولا بقولهم ؛ لأنه مخالف لشهادة الله وشهادة ملائكته وشهادة أولي العلم من خلقه .

وقوله (قائمًا بالقسط) : منصوب على الحال من شهد ، أي : حالة كونه قائمًا سبحانه وتعالى ، والقسط : العدل ، أي أن الله سبحانه وتعالى قائم بالعدل في كل شيء والعدل ضد الجور ، وهو سبحانه وتعالى حكم عدل لا يصدر عنه إلا العدل في كل شيء ، (لا إله إلا هو) : تأكيد للجملة الأولى ، (العزيز الحكيم) : اسمان لله عز وجل يتضمنان صفتين من صفاته وهما العزة والحكمة .


  • (شرح ثلاثة الأصول وأدلتها ش5).
  • 1443/07/02
  • مشاهدات : 417
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري