حب الولايات والزعامات والمال أفسدت كثيرًا من الناس

عدد الملفات المرفوعه : 1

قد ضرب رسول الله ﷺ في هذا المثل العظيم، كما ذلك جاء في الحديث الصحيح في الترمذي وغيره ومسند أحمد، أنه قال: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)(الدارمي 2730)،حب الرياسة والوجاهة وحب المال ذئبان جائعان أرسلا في غنم، ماذا تتصورون يعملون فيهما؟، يلعبون فيهما لعب، هذان الذئبان الجائعان لا يأخذان فقط حاجتهما ولكن إنما يفسدان الغنم، إفسادًا عظيمًا.

فما هذين الذئبين الجائعين الذين أرسلا في هذه الأغنام بأفسد لها من حب الإنسان للشرف والمال لدينه، فحب الولايات والزعامات أفسدت كثيرًا من الناس، لا يريد إلا أن يكون متبوعًا، حتى ولو كان على الباطل، ويحب الزعامة والوجاهة وأن يكون رأسًا، فلا بد وأن يستقل ولا بد وأن يخالف لأن الشيطان يأتيه، يقول له لقد قرأت القرآن وتعلمت فمالهم لا يتبعونك كما يتبعون فلان؟ ، ما هم بمتبعي إلا أن أحدث لهم، فيحدث لهم على خلاف السنة لأجل أن يتبعوه، ثم يستقل بهؤلاء ليكون رئيسًا عليهم.

وهكذا المال ونحن نرى كثيرًا ممن ابتلي بسبب هذا فانتكس من حال إلى حال، من حال صالحة طيبة إلى حال خبيثة سيئة بسبب المال، فترى هذا يذهب مع الحزبيين، لأنهم أعطوه وظيفة أو أعطوه مالًا أو أعطوه سيارة أو ولوه رئاسة المكتب الفلاني في بلده ونحو ذلك.

وهذا يذهب مع الجمعية الحزبية الفلانية المعروفة لأنها تدعمه، أو سيطمع منها أن تدعمه، أو يطمع فيها أن تفتح له مركزًا، أو يطمع أن تدعم له مسجدًا، ونحو ذلك فيبيع دعوته الصحيحة ودينه الصحيح التي كان يوالي ويعادي عليها في ذات الله تبارك وتعالى، وإذا بك تراه مع هؤلاء المغموسين المطعون فيهم وفي عقائدهم، بل هو بالأمس ربما كان يتكلم فيهم، فيرميهم بالتحزب ويرميهم ربما بالبدعة ونحو ذلك، وإذا به اليوم قد انتكس فإذا بهؤلاء الذين بالأمس يطعن فيهم يزكيهم اليوم أو يدافع عنهم.

فصدق أحمد-رحمه الله-مع الفرق العظيم، حينما قال لعلي بن المديني وقد أجاب متأولًا في فتنة القول بخلق القرآن، وعلي بن المديني كان بينه وبين ابن أبي دؤاد صلة، وكان يغدق عليه باسم الحاكم، فلم يزل به وهو إمام من الأئمة حتى وقع فيه ما وقع، وأجاب مداراة وخوفًا لا اعتقادًا، ومع ذلك ما قبل أحمد منه-رحمه الله ورضي عنه-قال: لا لأنك أنت يشار إليك بالبنان يعني محل إتباع ما قبل أحمد منه، وكتب له تلك الأبيات: يا ابن المديني الذي عرضت له * دنيا فجاد بدينه لينالها ماذا دعاك إلى انتحال مقالة * قد كنت تزعم كافرا من قالها إن الرزية من يرزى دينه * لا من يرزى ناقة وفصالها هذا هو المرزى، الرزية أن تحل بالدين هذه هي الرزية، ما هو ذهاب الناقة ولا الفصيل، وألقيت إلى علي بن المديني في بيته فقرأها وجاء بها إلى ابن أبي دؤاد فقال ما أظنها إلا من أحمد أو كلمة نحوها، فإذا كان هذا علي بن المديني، الإحسان إلى القلوب يستميل الناس.

فالذي أوصي به نفسي وإخواني الصدق مع الله تبارك وتعالى والثبات على هذه الدعوة السلفية المباركة الصحيحة التي هي ميراث رسول الله ﷺ ورثناه .


  • 1445/02/22
  • مشاهدات : 694
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري