الفوائد المنتقاة من كتاب القطوف الجياد من حكم وأحكام الجهاد – الشيخ د. عبدالرزاق البدر

ولا ينبغي لطلبة العلم أن يأخذوا مسألة الجهاد بغير الأناة : ولا ينبغي لطلبة العلم أن يأخذوا مسألة الجهاد أو غيرها من المسائل الدينية، بغير الأناة والتؤدة والبصيرة، بل الواجب في هذه المسائل الروية والسؤال، ومعرفة الحق فيها قبل الإقدام على أي أمر منها؛ ليبنى العمل على الهدي القويم والقصد السليم؛ وبذلك ينال العبد رضا الله -عز وجل-، ويكون من المهتدين المتبعين لسنة رسول اللہ ﷺ (ص : 3 ) .

المعنى الشرعي للجهاد : من أحسن العبارات الواردة في معنى الجهاد شرعاً قول شيخ الإسلام ابن تيمية  – رحمه الله -: «والجهاد: هو بذل الوسع ـ وهو القدرة ـ في حصول محبوب الحق ودفع ما يكرهه» (مجموع الفتاوى (10\192-193) ، وقوله أيضاً: «وذلك لأن الجهاد حقيقته: الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان» (مجموع الفتاوى (10\193) ، ويعلم من كلام شيخ الإسلام أن الجهاد في المفهوم الشرعي : اسم جامع لسلوك كل سبب، ووسيلة لتحقيق ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأفعال والأقوال والاعتقادات، ولدفع ما يكرهه الله سبحانه ويبغضه من الأفعال والأقوال والاعتقادات (ص:5).

أنواع الجهاد ومراتبه : عندما يطلق لفظ الجهاد يتبادر إلى أذهان كثير من الناس أنه القتال في سبيل الله، أي: بذل الوسع واستفراغ الطاقة في قتال الكفار، والواقع أن هذا نوع من أنواع الجهاد، ومرتبة من مراتبه؛ إذ مفهوم الجهاد في الشرع أعم وأشمل من هذا بكثير، فللجهاد أنواع مختلفة ومراتب متفاوتة بينها أهل العلم أخذاً من نصوص الشرع المطهر ، ومن أحسن ما وقفت عليه في بيان أنواع الجهاد ومراتبه كلام العلامة المحقق ابن قيم الجوزية –رحمه الله – في كتابه زاد المعاد، حيث قال: «الجهاد أربع مراتب: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار والمنافقين، وجهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات» (زاد المعاد 3/10)(ص6).

مراتب جهاد النفس الذي هو نوع من أنواع الجهاد للإمام ابن القيم – رحمه اللّه – : فَجِهَادُ النَّفْسِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ أَيْضًا: إِحْدَاهَا: أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى تَعَلُّمِ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ الَّذِي لَا فَلَاحَ لَهَا وَلَا سَعَادَةَ فِي مَعَاشِهَا وَمَعَادِهَا إِلَّا بِهِ، وَمَتَى فَاتَهَا عِلْمُهُ شَقِيَتْ فِي الدَّارَيْنِ، الثَّانِيَةُ: أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِلَا عَمَلٍ إِنْ لَمْ يَضُرَّهَا لَمْ يَنْفَعْهَا، الثَّالِثَةُ: أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَتَعْلِيمِهِ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ، وَإِلَّا كَانَ مِنَ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ، وَلَا يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ، وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، الرَّابِعَةُ: أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مَشَاقِّ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ وَأَذَى الْخَلْقِ، وَيَتَحَمَّلُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلَّهِ، فَإِذَا اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ الْأَرْبَعَ صَارَ مِنَ الرَّبَّانِيِّينَ، فَإِنَّ السَّلَفَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى رَبَّانِيًّا حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ وَيَعْمَلَ بِهِ وَيُعَلِّمَهُ، فَمَنْ عَلِمَ وَعَمِلَ وَعَلَّمَ فَذَاكَ يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ (زاد المعاد (3/10)

  • الأثنين 20 شوال 1445هـ 29-4-2024م
  • مشاهدات : 759
  • مشاركة :
حقوق النشر لكل مسلم بشرط ذكر المصدر.
تنفيذ : تصميم مصري